الاستيراد والعشوائية يطفئان بريق “الفضة المحلية”

وضعت شعبة الذهب والمعادن الثمينة باتحاد الصناعات، خطة عاجلة لدعم وإنقاذ صناعة الفضة في مصر، التي تمر بمرحلة حرجة نتيجة عدد من التحديات المتراكمة، في مقدمتها الاعتماد المتزايد على المشغولات الفضية المستوردة، وتراجع القدرة التنافسية للورش المحلية.
واصف: “الشعبة” وضعت خطة تتضمن تمويلاً ميسراً وتأهيل العمالة والتسجيل
قال إيهاب واصف، رئيس الشعبة، في تصريحات لـ«البورصة»، إن ورش تصنيع الفضة المحلية تواجه أزمات تهدد استمراريتها، أبرزها نقص العمالة الفنية المدربة، في ظل طبيعة الحرفة التي تعتمد على المهارة اليدوية والدقة، إلى جانب المنافسة القوية من منتجات أجنبية منخفضة السعر من أسواق مثل الصين وتركيا وتايلاند، والتي تُعرض أحيانًا بأسعار لا تغطي حتى تكلفة الإنتاج المحلي.
أضاف أن الشعبة انتقلت من مرحلة إعداد المقترحات إلى التنفيذ العملي، من خلال خطة عمل قائمة على ثلاثة محاور رئيسة، أولها إجراء لقاءات موسعة مع البنوك والمؤسسات المالية لبحث توفير تمويلات منخفضة الفائدة لأصحاب الورش، بما يساعدهم على تحديث المعدات وشراء ماكينات وتقنيات إنتاج حديثة.
ويشمل المحور الثاني العمل على تقنين أوضاع الورش غير المسجلة رسميًا، لتمكينها من الاستفادة من برامج الدعم والمبادرات الحكومية.
أما المحور الثالث فيركز على التعاون مع المدارس الفنية والمعاهد المتخصصة لإعداد جيل جديد من العمالة المدربة والمؤهلة، لسد الفجوة الكبيرة في الكفاءات المطلوبة داخل الصناعة.
شدد واصف على أن الفضة تختلف عن الذهب من حيث طبيعة التشغيل، إذ يتطلب تصنيع القطعة الواحدة من الفضة جهدًا مضاعفًا، نظرًا لأن جرام الفضة يعادل نحو 65% من وزن جرام الذهب، مما يزيد الحاجة إلى مهارات بشرية عالية.
أضاف أن الشعبة تستهدف في البداية دعم الورش القائمة وإعادة تأهيلها، تمهيدًا للتوسع مستقبلًا بإنشاء مصانع جديدة، مستشهدًا بتجربة صناعة الذهب التي انطلقت بعدد محدود من الشركات وأصبحت اليوم تضم أكثر من 12 شركة تصدّر للأسواق الخارجية.
وأوضح أن خطة إنعاش الصناعة لا تكتمل دون تدخل حكومي واضح، من خلال إعفاء مستلزمات الإنتاج المستوردة من الرسوم الجمركية، وهو ما من شأنه خفض التكاليف وتمكين الورش المحلية من المنافسة العادلة مع نظيراتها في الخارج.
نجم الدين: يجب إطلاق مبادرات لدعم الورش دون اللجوء إلى الاقتراض البنكي
وقال محمود نجم الدين، رئيس شركة نجم الدين لتجارة الذهب والفضة، إن سعر الفضة ارتفع بنسبة 25% خلال النصف الأول من العام الحالي، وهو ما عزز من جاذبية المعدن كأداة للاستثمار والادخار، في ظل التوترات الاقتصادية العالمية.
أضاف أن مبيعات الشركة من الفضة سجلت نموًا بنسبة 30% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بفضل اعتمادها على بيع المنتجات دون الفصوص، ما أسهم في تقديم أسعار تنافسية لشرائح واسعة من المستهلكين.
أشار نجم الدين، إلى أن شهر يونيو الماضي شهد تسجيل أسعار الفضة أعلى مستوياتها منذ 13 عامًا، وسط توقعات باستمرار العجز في المعروض للعام الخامس على التوالي، في وقت يرتفع فيه الطلب الصناعي على المعدن في قطاعات مثل الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية والإلكترونيات.
وأكد أن الفضة أثبتت كفاءتها كأداة تحوط ضد التضخم وتقلبات أسعار العملات، وجذبت أنظار المستثمرين في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، لكنه أبدى تحفظه على مقترحات التمويل المصرفي، معتبرًا أن صغار المصنعين لن يتمكنوا من الوفاء بشروط البنوك.
واقترح إطلاق مبادرات واقعية على غرار تجارب ناجحة في صناعات أخرى لدعم الورش دون اللجوء إلى الاقتراض البنكي المباشر.
نجيب: الصناعة تمتلك تاريخاً من الحرفية، لكنها تفتقر للدعم والمنافسة العادلة
وأشار نادي نجيب، سكرتير شعبة الذهب والمجوهرات سابقًا بغرفة القاهرة التجارية، إلى أن صناعة الفضة من أقدم الصناعات الحرفية في مصر، لكنها تعاني حاليًا من ضغوط شديدة بسبب هيمنة المنتجات الإيطالية المستوردة على السوق المحلي، والتي تلقى دعمًا كبيرًا عبر حملات ترويج وتسويق واسعة.
وأوضح أن العديد من الورش المصرية تقدم تصميمات مبتكرة وأعمالًا فائقة الجودة، لكنها لا تجد البيئة الداعمة التي تؤهلها للمنافسة، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا لتوفير دعم فني وتسويقي يواكب التحديات، ويحمي تلك الحرفة التقليدية من التراجع أو الاندثار، مؤكدًا أن السوق المصري لاتزال زاخرًا بالطاقات والمواهب القادرة على المنافسة العالمية، إذا ما توافرت لها الأدوات والإمكانات اللازمة.