5 شركات أسمنت مدرجة تحقق 1.35 مليار جنيه أرباحًا الربع الأول

سجل قطاع الأسمنت المدرج بالبورصة المصرية، إجمالي أرباح 1.35 مليار جنيه خلال الربع الأول، بنمو 6.4% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مستفيدًا من فتح الطاقات الإنتاجية كاملة بعد قرار تجميد العمل بنظام الحصص.
وقد بدأ القطاع عام 2025 بأداء تشوبه التحديات رغم التحسن الملحوظ في المؤشرات الكمية، فالتباين الحاد في نتائج الشركات يعكس حقيقة أكثر تعقيدًا: “التوسع لا يعني بالضرورة الربحية، والتصدير رغم زخمه لا يزال يواجه عقبات تسعيرية وهيكل تكلفة مرهق”.
وأعاد قرار الحكومة السماح للمصانع بالعمل بكامل طاقتها دون قيود على الإنتاج، ترتيب أولويات الشركات، فباتت أمام خيارين: إما محاولة التوسع في السوق المحلي المشبع والمرتفع التكلفة، أو الرهان على الأسواق التصديرية رغم ضعف هوامش الربح وارتفاع تكلفة الشحن والطاقة.
وجاءت “مصر للأسمنت – قنا” كأحد أبرز المستفيدين من هذا التحول، إذ قفزت أرباحها إلى 311 مليون جنيه خلال الربع الأول مقابل 32 مليونًا فقط العام الماضي، بدعم من ارتفاع الإيرادات إلى 1.82 مليار جنيه، ما يعكس نجاحها في إدارة التكاليف والاستفادة من التوسع التصديري.
في المقابل، ورغم أن جنوب الوادي للأسمنت ضاعفت إيراداتها بأكثر من 101% لتصل إلى 660 مليون جنيه، إلا أنها منيت بخسائر بلغت 318 مليون جنيه، مقابل خسائر أقل في الفترة المقابلة من 2024، ما يثير تساؤلات حول مدى فاعلية التوسع الإنتاجي دون قدرة على تسويق المنتجات بهوامش تغطي التكلفة.
ووفقًا لبيانات الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، فقد حدث نمو قياسي في صادرات الأسمنت خلال الربع الأول 2025 بنسبة 125%، لتصل إلى 107 ملايين دولار، مقابل 47 مليونًا فقط العام الماضي.
لكن هذا النمو الكمي لم يُترجم بالضرورة إلى ربحية مالية متوازنة، إذ إن العديد من الشركات ما زالت تعاني في تغطية تكلفة الإنتاج، خاصة في ظل تسعير الغاز عند 8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، والذي يمثل نحو 60% من تكلفة إنتاج الأسمنت.
قال هيثم فهمي، خبير أسواق المال، إن متوسط سعر التصدير بلغ 2643 جنيهًا للطن، مقابل 2501 جنيهًا للسوق المحلية، بفارق لا يتجاوز 5.6%، وهو ما لا يغطي في بعض الأحيان نفقات الشحن والوقود، خاصة عند التصدير لمسافات بعيدة.
وتكشف النظرة المقارنة لنتائج الشركات المدرجة في القطاع، عن تفاوت كبير في الأداء، إذ سجلت “العربية للأسمنت” ثاني أعلى صافي ربح خلال الربع الأول بقيمة 590 مليون جنيه، بنسبة نمو بلغت 285.6% على أساس سنوي، مما يشير إلى إدارة أكثر فاعلية للتكاليف والموارد رغم انخفاض صادراتها من 408 ملايين جنيه إلى 20 مليونًا فقط، بانخفاض 95.1%.
أما “مصر بني سويف للأسمنت”، فرغم تحقيقها أرباحًا بلغت 574 مليون جنيه، إلا أنها تراجعت بنسبة 31% عن نتائج الربع الأول من العام الماضي، بالتزامن مع انخفاض صادراتها بنسبة 28.5% لتسجل 601 مليون جنيه.
وفي حين سجلت أسمنت سيناء أرباحًا بلغت 197 مليون جنيه مقابل 301 مليون في الفترة المقارنة، واصلت الشركة تحقيق عوائد مقبولة رغم التحديات التشغيلية، بدعم من إيرادات بلغت 2.016 مليار جنيه.
شفيع: الأسواق الإقليمية متنفس لتصريف الفوائض
ويرى مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة “عربية أون لاين”، أن الأسواق الإقليمية، وتحديدًا ليبيا والعراق وقطاع غزة، تمثل منفذًا مهمًا لتصريف الفوائض الإنتاجية، لكنها لا تزال تفتقر إلى الاستقرار التجاري المستدام أو الاتفاقات الداعمة.
أضاف أن الرهان على هذه الأسواق يجب ألا يُغني عن تحسين قدرات التسعير أو تقديم دعم حكومي مباشر لخفض تكاليف الشحن والطاقة، خاصة أن جزءًا كبيرًا من الطاقات الإنتاجية يظل موجهًا للتصدير رغم ضعف العائد النقدي.
وارتفعت أسعار الأسمنت بالسوق المحلية بنسبة 38% منذ بداية 2025 لتصل إلى 4150 جنيهًا للطن، ما يعكس ضغوط العرض والطلب بعد تشغيل كافة المصانع.
لكن رغم هذه الزيادات، لا تزال الشركات تجد في التصدير ملاذًا لتصريف الفائض وتأمين العملة الصعبة، حتى وإن كانت هوامش التصدير متآكلة، ما يدفعها إلى البحث عن أسواق جديدة أو تحسين شروط التسويق الخارجي.
حتى نهاية مايو 2025، بلغت صادرات الأسمنت المصرية 4.66 مليون طن، ما يمثل 18% من إجمالي الإنتاج، مقارنة بـ 13.7% في عام 2024 كاملاً.
ورغم أن هذا الاتجاه يعكس توسعًا ملحوظًا، إلا أن الفارق بين النمو الكمي والعائد المالي ما يزال يمثل تحديًا رئيسيًا لشركات القطاع، التي تسعى إلى تحسين شروط البيع الخارجي بما يضمن لها تغطية التكاليف وتحقيق هامش ربح فعلي.
وأشار شفيع، إلى أن الربحية من التصدير ستظل محدودة ما لم تتم مراجعة تسعير الغاز للمصانع، وتوسيع مظلة الدعم اللوجستي، وتفعيل الاتفاقيات الإقليمية، مؤكدًا أن “قطاع الأسمنت يمتلك الطاقة والإنتاج، لكنه يحتاج إلى أدوات اقتصادية لتحويل التوسع إلى أرباح فعلية.”
ورغم تحسن أداء القطاع كمجموعة، فإن تباين نتائج الشركات يعكس بوضوح أن الطريق نحو ربحية مستدامة يمر ليس فقط عبر التوسع، بل عبر كفاءة الإدارة وتوازن التسعير، إلى جانب دعم حكومي ذكي يخفف من أعباء الطاقة والنقل، ويمنح الأسمنت المصري ميزة تنافسية حقيقية في الأسواق الخارجية.