د. عمرو الجارحى.. الرجل الذى خرج من أروقة البنوك إلى عالم السياسة

فى مكتبه الهادئ المطل على النيل يجلس رجل لا يحب الأضواء.. لكنه فى فترة ما اضطرته الظروف أن يكون فى عمق المعادلات الصعبة وأن يكون أحد من صناع القرار.
هو وزير المالية الأسبق د. عمرو الجارحى رئيس مجلس إدارة ميدبنك
وينتمى د. الجارحى إلى جيل التكنوقراط الذين تربوا فى البنوك وتعلموا لغة الأرقام قبل السياسة.. لذلك غلبت شخصيته المهنية على منصبه الوزارى، حيث فتح ملفات صعبة تبعتها معارك كبيرة أثناء توليه وزارة المالية 2016 – 2018 والتى شهدت تعويم الجنيه وهو التعويم الأشهر الذى تبعته متغيرات اقتصادية عميقة مثل ارتفاع الأسعار والتضخم.

بل أنه كان أحد مهندسى برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تم إعداده مع صندوق النقد فى 2016 والذى مازال ينفذ حتى الآن ولكن الخلفية المهنية للدكتور الجارحى كرجل قادم من القطاع المصرفى والاستثمار لم يكن غريبًا عليه أن يتبنى سياسات إصلاحية صارمة مثل تعويم العملة وتطبيق ضريبة القيمة المضافة والتوسع فى إصدارات الدين السيادى.
فالرجل ليس مجرد تكنوقراطى يقرأ الجداول والبيانات بل شخصية تؤمن بإعادة الهيكلة كوسيلة لبناء مؤسسات أكثر كفاءة سواء فى عمله فى المجموعة المالية هيرميس أو مجموعة القلعة وغيرها من المؤسسات المالية والاستثمارية التى عمل بها ولذلك لم يخش عندما اضطرته الظروف العامة لاتخاذ قرارات صعبة أن يؤثر ذلك على شعبيته..
ولكنه بشخصيته الليبرالية يؤمن بحرية السوق والانضباط المالي، لكنه ليس متطرفًا في فكره الاقتصادي ويراهن علي كفاءة القطاع الخاص كمحرك للنمو.. وبخلفيته المهنية يفضل الاعتماد علي البيانات والتحليل المالي قبل اتخاذ قراراته.
وطوال فترة منصبه الوزاري عمل علي الموازنة بين خفض العجز والديون وبين جذب الاستثمارات وطوال عمله كوزير أو حتي رئيس بنك لم يجازف بتصرف أو تصريح يحسب عليه ولم يدخل في معارك مع أحد.. بل شخصيته الهادئة جعلته يتمتع بشبكة علاقات قوية مع المؤسسات الدولية.
لذلك فإنه استطاع إعادة مصر لأسواق التمويل الدولية عبر إصدار سندات يورو بوند.. ورغم أن البعض يأخذ علي الدكتور الجارحي أنه كرجل تكنوقراط كان بعيدًا عن السياسة فكانت بعض قراراته لا تلقي قبولًا لدي الرأي العام لأنه لم يستخدم أساليب السياسة في التواصل مع المجتمع المدني (أحزاب – منظمات أعمال) للترويج لسياساته وقتما كان وزيرًا.
والآن هو يدخل عالم السياسة من خلال حزب الجبهة الوطنية الذي اختاره رئيسًا للجنة الخطة والموازنة تقديرًا لكفاءته الاقتصادية ورغبة في أن يقود العمل الاقتصادي بالحزب رجل له تاريخ طويل في عالم المال والأعمال تولي منصبا وزاريا في فترة صعبة والآن يعود ليشارك في رسم السياسات الاقتصادية وإيجاد حلول لبعض المشاكل من مقعده كرجل سياسي مطلوب منه أن يوازن بين مطالب الجماهير وبين الواقع الاقتصادي للبلاد.