فريق جامعة «ويتووترسراند» يطور نموذجاً لتحلية مياه الشرب باستخدام الرياح

تواجه مصر أزمة مياه بسبب مناخها الجاف، ومواردها المحدودة، وتزايد سكانها السريع، ومع تزايد الطلب على المياه فى مصر والدول الواقعة على مجرى النيل الأعلى، أصبحت مياه النيل فى دول المصب غير كافية لتلبية الاحتياجات.
وطور ثوكوزانى ماجوزى، رئيس مجلس أكاديمية العلوم فى جنوب أفريقيا، عضو مجموعة S20 التابعة لمجموعة العشرين، وعميد جامعة «ويتووترسراند» الجنوب أفريقية وفريقه، نموذجاً لنظام تحلية جديد يعمل بطاقة الرياح باستخدام تقنية التناضح العكسى.
قال «ماجوزى»، إن النظام يعتمد على إعادة استخدام الطاقة الناتجة من المياه المالحة المتبقية لتشغيل المحطة، ووجد الفريق أن هذا النموذج قد يكون فعالًا فى المنتجعات الساحلية شديدة الرياح.
وفسّر أن هذه الأنظمة تتمتع بمرونة عالية أمام التغير المناخى، وتضغط هيئات المياه حالياً على مجموعة العشرين، برئاسة جنوب أفريقيا هذا العام، لتوفير تمويل أكبر لإنشاء هذه الأنظمة.
وطوَّر فريق ماجوزى نموذجاً يستخدم الرياح مباشرة لتشغيل المضخات بدلا من تحويلها إلى كهرباء، مع تخزين الهواء المضغوط الزائد لاستخدامه عند انخفاض الرياح، كما استغلوا ضغط المياه المالحة المتبقية قبل التخلص منها لتوليد ضغط إضافى يقلل استهلاك الطاقة.
واختبر الفريق النموذج باستخدام بيانات رياح من 20 مدينة ساحلية مصرية، وظهرت الغردقة كأفضل موقع بفضل سرعات الرياح العالية وتكلفة المياه المنخفضة.
أشار «ماجوزى»، إلى أهمية تنفيذ مشروعات تجريبية بالغردقة والجونة لاختبار النظام واقعياً وضمان استدامته، كما يجب اختبار مكوناته لضمان متانتها وجدواها اقتصادياً، مع تمويل من جهات محلية مثل صندوق العلوم والتنمية التكنولوجية، ودعم الشراكات بين الجامعات والشركات والسلطات المحلية.
وأضاف أن حملات التوعية العامة ستسهم فى كسب دعم المجتمع وجذب استثمارات خاصة بإبراز الفوائد البيئية والاقتصادية. فباستغلال طاقة الرياح وسواحلها، تستطيع مصر أن تقود جيلًا جديدًا من البنية التحتية المائية منخفضة الكربون، ما قد يصبح نموذجًا يُحتذى للدول الشحيحة المياه.
وأوضح تقرير حديث صادر عن معهد الطاقة العالمي، أن مصر أنتجت 2.15 جيجاوات من طاقة الرياح عام 2024، من إجمالى 120.7 جيجاوات إذ استحوذت الرياح على 1.78% من إجمالى إمدادات الطاقة فى مصر من المصادر كافة.
ونما إجمالى سعة طاقة الرياح 296.1% عام 2024 مقارنة بعام 2014، ونمو 16.53% مقارنة بعام 2023.
وأظهر التقرير أن إنتاج طاقة الرياح فى مصر 2024 كان الأعلى خلال 11 عامًا، وأيضًا زاد نصيب طاقة الرياح من إجمالى الطاقة الكلية من 0.52% عام 2014 إلى 1.78% فى 2024، ما يوضح النمو المستمر لإمدادات طاقة الرياح المصرية.
وأضاف «ماجوزى» أن نصيب الفرد من المياه العذبة المتجددة (من النيل والأمطار) انخفض لعقود، وأصبحت مصر الآن تحت خط الفقر المائى البالغ 1000 متر مكعب للفرد سنوياً؛ إذ لا تتوافر سوى نصف الكمية اللازمة للصحة والرفاهية.
وتابع: «يزيد تغير المناخ الوضع سوءاً، حيث يعطل أنماط الأمطار ويزيد الجفاف، ما يقلل الاعتماد على المصادر التقليدية للمياه».
وأوضح أن تحلية مياه البحر تقدم حلًا واعدًا لتوفير مياه نظيفة للشرب والزراعة والصناعة. على سبيل المثال، توفر محطة تحلية الجبيل 3A فى السعودية مياه شرب لـ1.6 مليون شخص يومياً.
وذكر أن تقنية التناضح العكسى هى الأكثر فعالية، حيث تدفع المياه بضغط عالٍ عبر غشاء نصف نافذ لإزالة الأملاح والشوائب الدقيقة مثل الأتربة والميكروبلاستيك. وتُعد مناسبة خصوصاً لمناطق مصر الساحلية البعيدة عن النيل.
وفى سياق الطاقة، أوضح «ناجوزى»، أن محطات التناضح العكسى تستهلك بين 3 و8 كيلووات فى ساعة لإنتاج متر مكعب واحد من المياه العذبة، وهى طاقة تعادل تشغيل ثلاجة منزلية ليوم كامل.
ولإنتاج 600 ألف متر مكعب، تحتاج المحطة طاقة تكفى لتشغيل 600 ألف ثلاجة. بالمقابل، لا يتعدى استهلاك محطات معالجة المياه التقليدية 1 كيلوواط/ساعة لكل متر مكعب، مضيفاً أن التحلية تصبح مكلفة إذا كانت الطاقة من مصادر ملوثة مثل الفحم.
وتسعى مصر لتقليل بصمتها الكربونية، ما يجعل تشغيل المحطات بطاقة متجددة أمراً حيوياً لاستدامة هذه التقنية.